للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعائشة وعامة الفقهاء.

وحكي عن علي وزيد -في إحدى الروايتين- أنه يقع بالإختيار طلقة رجعية، وإليه ذهب الحسن وربيعة.

فأما إن اختارت نفسها ونويًا الطلاق وقع؛ لأنه كناية، وإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع، وإن نويا جميعًا عددًا وقع ما نوياه واتفقا عليه، فإن اختلفا في العدد وقع الأقل، وإن نويا واحدة كانت رجعية، وبه قال أحمد.

وقال أبو حنيفة: لا يفتقر وقوع الطلاق إلى نية المرأة، فإذا نوى الزوج الطلاق وقع واحدة، وإن نوى ثلاثًا لم يقع إلا واحدة.

وقال مالك: إذا نوى الطلاق وقع الثلاث إن كانت مدخولًا بها، وإن لم تكن مدخولًا بها قُبِلَ منها، أنها أرادت واحدة أو اثنتين.

وأخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت، عن خارجة بن زيد، أنه أخبره: "أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت، فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان، فقال له زيد بن ثابت: ما شأنك؟ فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني. فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟! فقال له: القدر.

فقال له زيد: ارتجعها إن شئت، فإنما هي واحدة وأما أملك بها".

هذا الحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (١) إسنادًا ولفظًا، وأخرج الشافعي هذا الحديث والذي قبله في كتاب "اختلاف مالك" وهو مؤكد للحديث الذي قبله.

وأخرج الشافعي -فيما بلغه- عن أبي معاوية ويعلى عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق: "أن امرأة قالت لزوجها: لو أن الأمر الذي بيدك بيدي لطلقتك. فقال: قد جعلت الأمر إليك. فطلقت نفسها ثلاثًا، فسأل عمرُ عبدَ الله عن ذلك، فقال: هي واحدة، وهو أحق بها. فقال عمر: فإني أري


(١) الموطأ (١١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>