للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها صدقة، ولما فيه من التعريض إلى بيان السبب العام النافي لصدقة الخيل، وهو ما دل عليه قوله: "وهل في الخيل صدقة" واستبعاده لذلك فإنه استفهام واستبعاد وإنكار لسؤاله. والله أعلم.

وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- قال (١): أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار "أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح: خذ من خيلنا ومن رقيقنا صدقة، فأبى ثم كتب إلى عمر فأبى، ثم كلموه أيضًا فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر بن الخطاب: إن أحبوا فخذها منهم وارددها عليهم".

قال مالك: يعني ردها على فقرائهم.

ثم زاد فيه في القديم: وارزق رقيقهم.

وأخرج أيضًا قال: وقد أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد: "أن عمر أمر أن يؤخذ من الفرس شاتين، أو عشرة أو عشرين درهمًا".

قال البيهقي (٢): ففي الرواية الأولى عن عمر: دلالة على أمره بالأخذ منها كان لمسألتهم لا على الإيجاب.

وقال الشافعي في كتاب حرملة: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قد تجاوزت لكم عن صدقة الخيل والرقيق".

وأما الذي رواه أبو يوسف، عن غورك بن الحضرم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "في الخيل السائمة في كل فرس دينارًا" فإن أبا الحسن الدارقطني قال: تفرد به غورك وهو ضعيف جدًا (٣).

ثم لو كان صحيحًا عند أبي يوسف لم نخالفه إن شاء الله تعالى.


(١) "المعرفة" (٦/ ٩٣).
(٢) "المعرفة" (٦/ ٩٤).
(٣) ترجمه الذهبي في "الميزان" (٣/ ٣٣٧)، والحافظ في "اللسان" (٥/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>