للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية الشافعي: "زادًا وراحلة" منكرًا، وفي رواية الترمذي: "الزاد والراحلة" معرفًا.

والتنكير في هذا المقام أبلغ من التعريف, لأنه يدل على أن من ملك أي زاد كان وأي راحلة كانت فقد وجد السبيل، ألا ترى أنه لم يقل زاد وبعير، ولا زاد وناقة، ولا زاد وجمل، فإنه كان يجب وجود أي بعير كان، سواء كان يبلغه البيت أو لا، فلما قال: "زاد وراحلة" والراحلة هي البعير القوي على الأسفار والأحمال، استغنى عن ذلك التقدير فنكرها حينئذ ليدل على أنه أي راحلة كانت نفيسة أو غير نفيسة، للعلم أن هذا الاسم إنما يطلق على البعير الذي يمكن التحميل والمسير عليه.

وأما التعريف الذي فيهما فهو تعريف الجنس الذي يقال: زاد وراحلة وهذا الحديث قد أخرجه الشافعي في معرض الحكاية، فإنه قال: وأحب لمن قوي على المشي ممن لم يحج أن يمشي، وليس بواجب عليه لأنه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[أنه قال: السبيل: الزاد والراحلة، وقد روى أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] (١) تدل على أنه لا يجب المشي على أحد إلى الحج وان أطاقه، غير أن منها منقطعة ومنها ما يمتنع أهل العلم بالحديث من تثبيته، ثم ذكر هذا الحديث، وإنما يمتنع أهل العلم بالحديث [من تثبيت هذا لأنه من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي وقد ضعفه أهل العلم بالحديث] (١) يحيى بن معين وغيره.

قال الشافعي: وروي عن شريك بن أبي نمر، عمن سمع أنسًا بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "السبيل: الزاد والراحلة".

وقال أيضًا في القديم: أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قال: سبيله: من وجد له سعة، ولم يُحَلْ بينه وبينه.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الزاد والراحلة شرط في وجوب الحج. وبه


(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل والمثبت من المعرفة (٧/ ١٨،-١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>