للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواو التي في "وكل منى منحر" هي عاطفة لهذه الجملة المقتطعة من الحديث على ما قبلها فإن قبلها: "أتى المنحر" فقال: "هذا المنحر ومنى كلها منحر" لأنه لما قال هذا المنحر إشارة إلى موضع معروف بمنى من عادة الحجيج أن ينحروا فيه عطف عليه، فقال: "وكل منى منحر" حتى لا يضيق على الناس بازدحامهم على موضع واحد فعرفهم أن جميع أراضي منى منحر.

والفند: الضعف في الرأي، وأفند الرجل إذا خرف.

قال الأزهري (١): الفند: إنكار العقل من الهرم، يقال: شيخ فند، ولا يقال: عجوز فندة (٢) لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فتفنَّد في كبرها.

قال: الفند: الضعيف الرأي وإن كان قوي الجسم، والمفند: الضعيف الرأي والجسم معا.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن النيابة في الحج صحيحة جائزة بأجرة وبغير أجرة، ولذلك تفصيل: وهو أن يكون عاجزًا عن المباشرة بنفسه إما بزمانة لا يرجى زوالها؛ فلا يقدر أن يستمسك على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة، أو بلغ من الكبر بحيث لا يمكنه الاستمساك على الراحلة، أو يكون قد مات فيها ولا يجوز لهم أن يستنيبوا من يحج عنهم حجة الإِسلام، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد، وإسحاق.

وقال مالك: لا تجوز الاستنابة في الحج إلا بالموت وحده، وأما المريض فلا يخلو أن يكون ميؤساً منه أو غير ميؤسًا منه؛ فإن كان ميؤسًا فإنه يجوز الاستنابة وقيل, فيه قولان، وإن لم يكن ميؤسًا منه فإنه لا يجوز له أن يستنيب.

وبه قال أحمد.

وقال أبو حنيفة: يجوز.


(١) تهذيب اللغة (١٤/ ١٣٧ - ١٣).
(٢) في تهذيب اللغة: (يقال: شيخ مفند، ولا يقال: عجوز مفندة).

<<  <  ج: ص:  >  >>