وقال مالك: ما لا يبتدي بالأذى كالبازي والصقر والثعلب مضمون.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح قال: سمعت ميمون بن مهران قال: "كنت عند ابن عباس وسأله رجل، فقال: أخذت قملة فألقيتها، ثم طلبتها فلم أجدها، فقال ابن عباس: تلك ضالة لا تبتغى".
هذا طرف من حديث قد أخرجه الشافعي أيضًا بطوله في كتاب الحج الأكبر (١) بهذا الإسناد، قال:"جلست إلى ابن عباس فجلس إليه رجل لم أجد رجلاً أطول شعرًا منه، فقال: أحرمت وعلي هذا الشعر؟، فقال ابن عباس: اشتمل على ما دون الأذنين منه، قال: قَبَّلتُ امرأة وليست بامرأتي؟ قال: زنا فوك، قال: رأيت قملة فطرحتها؟ قال: تلك الضالة لا تبتغى".
الواو في قوله:"وسأله رجل" واو حال أي كنت عنده وقد سأله رجل.
والضالة: الضائعة من ضل يضل إذا لم يهتد الطريق.
والابيغاء: الطلب، وقوله:"لا تبتغى" في موضع رفع صفة لضالة أي مبتغاة، والصفة والموصوف في موضع رفع لأنه خبر المبتدأ الذي هو "تلك".
وقوله:"اشتمل على ما دون الأذنين منه" يريد اقطعه واترك منه ما دون الأذنين.
قوله:"زنا فوك" يعني أن القبلة لا شيء فيها وإنما هي زنا الفم ولا حد فيه، ولكن عليك الإثم بتقبيلك غير امرأتك.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن القمل إن كان على ظاهر بدنه، أو ثوبه أماطه عنه، وإن كان في رأسه، فقال الشافعي: أكره أن يتفلى، فإن تفلى وقتل قملة