للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا أخرجه في كتاب المناسك، ووقع في موضع آخر عن إبراهيم، عن سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما سمى إحرامه حجًا ولا عمرة.

ولم يذكر جابرًا وقد جاء هذا أيضًا عن عائشة، وسيرد في موضعه إن شاء الله تعالى.

معنى قوله: "ما سمى في تلبيته حجًا ولا عمرة" له تأويلان:-

أحدهما: أنه لم ينو عند إحرامه شيئًا من هذين النسكين، إنما نوى إحرامًا مطلقًا من غير تعيين، وله بعد ذلك أن يصرفه إن شاء إلى الحج، وإن شاء إلى العمرة.

والثاني: أنه لم يذكر في تلبيته لفظ الحج ولا لفظ العمرة، إنما كان التلبية عارية عن تسمية أحدهما، وإن كانت النية فيها متعينة وذلك لأن الاعتماد في نية الحج عند الإحرام؛ على ما يقصده المحرم لا على ما يتلفظ به، فإن التلبية ليست عند الشافعي شرطًا في النية، وسيرد بيان ذلك فيما بعد، والذي نذكره هاهنا أن المحرم لا يخلو أن يعين إحرامه أو يطلقه، والتعيين أولى وأفضل لأنه يكون عالمًا بما يلابسه من العبادة. هكذا قال في الأم (١).

وقال في الإملاء: الإطلاق أفضل لأنه أحوط له إذ لا نأمن مانعًا من إحصار أو عدو يمنعه عن الحج، فيجعله عمرة ويتمكن من أدائها، إذا ثبت هذا فإن قلنا الإطلاق أفضل فلا كلام، وإن قلنا التعيين أفضل ثم عين فهل يستحب له أن يذكر ما عين في تلبيته أم لا؟ فالذي قاله في عامة كتبه: أن يجرد تلبيته ولا يذكر فيها نسكه أخذًا بهذا الحديث، فإنه قال: ويلبي المرء أو ينوي حجًا إن أراد أو عمرة أو هما, ولا أحب أن يسمي لأنه يروى عن جابر: "ما سمى


(١) الأم (٢/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>