للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، لأن غاية ما يقدر عليه أن يضع وجهه على الحجر وهو قائم.

وحكم وضع الجبهة عليه حكم التقبيل، وهو نوع من زيادة التكريم والتعظيم وكان يفعله عمر بن الخطاب، وابن عباس، وطاوس. وبه قال الشافعي، وأحمد.

وأنكر مالك ذلك وقال: هو بدعة.

قال الشافعي: ولا بأس إن خلا له الركن الأسود أن يقبله ثم يسجد عليه.

قال: وإن ترك استلام الركن لم أحب ذلك ولا شيء عليه.

وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا سعيد، عن ابن جريج قال: قلنا لعطاء: هل رأيت أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استلموا قبلوا أيديهم؟ فقال: نعم رأيت جابر بن عبد الله، وابن عمر، وأبا سعيد الخدري، وأبا هريرة إذا استلموا قبلوا أيديهم.

قلت: وابن عباس؟.

قال: نعم حسبت كثيرًا.

قلت: هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك؟.

قال: فلم استلمه إذا.

قوله: "حسبت كثيرًا" يريد حسبت أنه قبلها كثيرًا.

وقوله: "هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك"؟ يريد: هل تدع تقبيل يدك إذا استلمت، وتكتفي باللمس دون تقبيل اليد.

وقوله في الجواب: "فَلِمَ استلمه إذًا" اللام في مكسورة المعنى لأي معنى استلمه إذا لم أقبل يدي، ولو فتحت اللام لكان المعنى: إني إذا استلمت ولم أقبل يدي لم أكن إذًا قد استلمته، أي أن الاستلام لا يعد استلامًا كاملًا حتى تقبل اليد، لأن تقبيل اليد إنما هو عن تقبيل الحجر إذا لم يتقبل (١) من تقبيله.


(١) كذا في الأصل ولعل (يتمكن)، فصحفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>