للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشر: هو عشر ذي الحجة، وإنما أنث اللفظ: لأنه أراد الليالي، تقول: هذه الليالي عشر ليالي وعشرة أيام، وتقول: عشر أوائل وعشر أواخر، وعشر أول وعشر أخر.

فمن جمع الوصف: فلأن العشر جماعة من العدد، ومن وحد الوصف: فلأنه جعل الكلمة اسمًا لمدة من الزمان، كأنه جزأ الشهر ثلاثة أجزاء سمى كل جزأ منها عشرًا، وإنما جاء بالفاء في "فأراد"، وفي "فلا يمس": لأنه أراد التعقيب، كأن الإرادة كانت عقيب دخول العشر مقارنة لأول جزء منه، وكذلك فلا تمس لأن المنع من المس ينبغي أن يكون معقبًا للإرادة، فإنه مع اتصاف كونه مريدًا للتضحية، ينبغي أن لا يمس من شعره ولا بشره شيئًا, ولهذا المعنى دخلت الفاء في جواب الشرط.

والبشر: جمع بشرة وهي ظاهر جلد الإنسان.

اللمس والمس سواء في هذا المكان، وهو كناية عن حلق الشعر أو قصه، وقص الأظفار وهو المراد بالبشر فكنَّى عن ذلك بالمس، لأنه مس مخصوص بزيادة فعل.

والذبح -بكسر الذال- المذبوح وهو المراد في هذا الحديث، وبالفتح الفعل.

وفي رواية الشافعي لم يتعرض إلى انقضاء مدة المنع، إنما نهاه عن مس الشعر والبشر مطلقًا بعد دخول العشر.

وفي رواية غيره أردفه بالأمد وتعيين مدة المنع، وهو قوله: "حتى يضحي" وذلك زيادة في البيان، والأول استغنى بدلالة اللفظ عليه، لأن تقديم ذكر التضحية وذكر دخول العشر يدل على أن الأمد: هو وقت التضحية وانقضاء العشر، ولأنه قال: "إذا دخل العشر" فكان حكم النهي مقترنًا بذكر العشر، وإذا تعلق حكم الشيء بأمد له منتهى؛ علم أن ذلك الحكم منتهاه منتهى ذلك الأمد، فلهذا، إن رواية الباقين لما كان الحكم فيها معلقًا بغير ذكر العشر مطلقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>