للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من استجمر فليوتر" (١) وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

وقال مالك، وداود: الواجب الإنقاء دون العدد.

وأما أبو حنيفة: فإنه لا يوجبه، ولكن يستحبه ولا يراعي العدد.

وقال الشافعي: يجوز الاستنجاء بما يقوم مقام الحجر، من كل جامد طاهر منق، غير مطعوم ولا محترم ولا متصل بحيوان.

وقال داود: لا يجوز بغير الحجارة، وحكى ذلك عن زفر، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

قال الشافعي: ويستنجي بالحجارة في الوضوء؛ من يجد الماء ومن لا يجده، ولو جمعه رجل فاستعمل الحجر ثم غسل بالماء؛ كان أحب إلىَّ.

قال: ويقال: إن قومًا من الأنصار استنجوا بالماء، فنزلت فيهم {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (٢).

قال الخطابي: ويعضد مراعاة العدد، ما ورد في حديث سلمان الفارسي: "وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار" ففي ذلك البيان الواضح؛ أن الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار لا يجوز -وإن وقع الإنقاء بما دونها- فلو كان الإنقاء هو المقصود فحسب، لم يكن لاشتراط عدد الثلاث معنى ولا في ترك الاقتصار على ما دونها فائدة، فلما اشترط العدد لفظًا كان الإنقاء من معقول الخبر ضمنًا، ودل على أنه إيجاب للأمرين معًا؛ وليس هذا كالماء لأن


(١) أخرجه البخاري (١٦١)، ومسلم (٢٣٧).
كلاهما من حديث أبي هريرة وتمامه: (من توضأ فَلْيَسْتَنْثِرُ، ومن استجمر فليوتر).
(٢) يشير إلى ما أخرجه أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية من سورة التوبة ١٠٨.
وراجع تخريجه من الإرواء (٤٥)، والتلخيص الحبير (١/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>