للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغتين زها يزهو، وأزهى يزهي وغال فيه بذكر سبب النهي، وهو ما يحدثه الله للثمرة من الآفات، فإذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها وعرضت له آفة كان إضرارًا بالمشتري.

فأما إذا بدا صلاحها وشرعت في النضج فما يكون إلا وقد بعدت من الآفة غالبًا.

وأما نهيه للبائع فمن وجهين:

أحدهما: احتياطًا له بأن يدعها حتى يتبين صلاحها فتزداد قيمتها ويكثر نفعه منها.

والثاني: أن يكون مناصحة لأخيه المسلم، واحتياطًا لمال المشتري لئلا تنالها الآفة فيذهب ماله، أو يطالبه بأصل الثمن من أجل الجائحة فيكون بينهما في ذلك شرٌّ وخلاف، فقد لا يطيب للبائع مال أخيه من جهة الورع؛ إذ لا قيمة له في الحال فيصير كأنه نوع من أكل المال بالباطل.

وأما نهيه المشتري فمن أجل المخاطرة والتغرير بماله؛ لأنها ربما تلفت بما [ينالها] (١) من الآفة؛ فيذهب ماله غرامة، أخرج الكلام مخرج السؤال والاستفسار حتى يكون ذلك أقوى في باب الاحتجاج، لأنه إذا سمع السؤال وأجاب عنه بما يكون حجة عليه كان كلامه أشد في باب الإلزام بالحكم؛ لاعترافه به.

وقد جاء في رواية الشافعي وغيره: "حتى تحمر"، وفي الموطأ: "حين تحمر" فإن صحت الرواية ولم يكن تغييرًا من الكُتَّاب؛ فالفرق بينهما أن قوله "حين تحمر" جملة في موضع البدل من الجملة الأولى التي هي "حتى يزهي".

كأنه قال: ابتداءً نهى: عن بيع الثمار حتى تحمر، وأما "حين تحمر" فإنه


(١) في "الأصل": يناله.

<<  <  ج: ص:  >  >>