للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الاسْتيفاء" استفعال من وفى، وقال في الرواية الأخرى: "حتى يقبضه" والاستيفاء والقبض ها هنا بمعنى واحد.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أَنه لا يجوز بيع جميع المبيعات قبل القبض، ولا فرق بين الطعام وغيره، وبه قال ابن عباس ومحمد بن الحسن، وإنما خص الطعام بالذكر؛ لأن الحاجة إليه أكثر والبيع له يتكرر.

وقال مالك: كل مبيع يجوز بيعه قبل القبض سوى الطعام والشراب.

وقال أحمد والأوزاعي وإسحاق: ما ليس يكيل ولا يوزن ولا معدود؛ يجوز بيعه قبل القبض، وبه قال الحسن البصري، وابن المسيب، وحماد.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: ما لا ينقل ويحول؛ يجوز بيعه قبل القبض.

وأما حقيقة القبض في المنقولات: فإنه تحويلها من مكانها؛ فإذا باع طعامًا جزافًا فَقَبْضُه تحويله، وإن كان مكيلاً فَقَبْضُه كيله، وإن كان مما لا ينقل فقبضه تخليته من يد البائع، وبه قال أحمد.

وقال مالك وأبو حنيفة: التخلية في كل ذلك قبض؛ لأنه خَلَّى بينه وبين المبيع [من غير] (١) مانع، وأما إذا ابتاع طعاماً مكيلاً معلومًا ثم أراد أن يبيعه بالكيل الأول لم يجز حتى يكيله على المشتري ثانيًا، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق [وهو] (٢) قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي.

وقال مالك: إذا باعه نسيئة فهو المكروه، وإذا باعه نقدًا فلا بأس أن يبيعه بالكيل الأول.

وروي عن عطاء أنه أجاز بيعه نسيئة ونقدًا.

وأخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن


(١) تكررت في "الأصل".
(٢) ليست في "الأصل"، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>