للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: "أو ألم يبلغني" فقد جاء في بعض النسخ بإثبات الهمزة بعد الواو، وفي بعضها بحذفها، فأما مع إثباتها فلا كلام فيه، ويكون الراوي قد شك في أن اللفظين استفهام النبي - صلى الله عليه وسلم - إما "ألم أنبّأ" وإما "ألم يبلغني" وأما مع حذفها فلا تخلو الواو أن تكون متحركة أو ساكنة؛ فإن كانت متحركة -وهو الصواب إن شاء الله تعالى- فتكون واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام، فائدتها عطف الجملة الثانية على الجملة الأولى، فيجتمع من الهمزة والواو معنى آخر وهو التقرير والتثبيت كما في الأولى.

وإن كانت الواو ساكنة فتكون هي [و] (١) الهمزة قبلها كلمة واحدة، وهي "أو" التي للشك، وحينئذ تحتاج إلى همزة الاستفهام بعد الواو وقبل "لم" الثانية حتى يكون المراد معلومًا مستفهمًا عنه، ولكنه حذفه استغناءً عنها بالهمزة التي في أول الكلام، وليفهم السامع أن الكلام استفهام لا خبر، وقد حذفوا حرف الاستفهام في كثير من الكلام اعتمادًا على فهم المخاطب، وتخفيفًا، والأول أفصح وأحسن.

وقوله: "أو كما شاء الله من ذلك" هو شك في الرواية، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي اللفظين قال؛ "ألم أنبأ" أو"أو ألم يبلغني" أو"ما شاء الله من القول".

وقوله: "أنك تبيع الطعام" لا يخلو إما أنه أراد بيع الطعام مطلقًا، أو بيعه بيعًا مخصوصًا، فإن كان مطلقًا فيكون عرضه - صلى الله عليه وسلم - توقيفه على ما يلزمه في البيع من أحكامه التي يجهلها، وإن كان أراد بيعًا مخصوصًا أي بلغه عنه أنه كان يبيع ما لم يقبض أو ما ليس [عنده] (٢) وهو الأشبه؛ لأنه قد جاء في رواية أخرى عن حكيم بن حزام مثل ذلك، وسيرد ذكره.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن


(١) ليست في "الأصل"، والسياق يقتضيها.
(٢) في "الأصل": "عند".

<<  <  ج: ص:  >  >>