للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخبرونهم بسعر كذبًا دون ما يساوي وذلك تغرير محرم، وفيه إضرار بأهل البلد أيضاً، ولكن الشراء منعقد، ثم إن كذب فظهر الغبن، ثبت الخيار للبائع، وإن صدق ففيه وجهان على مذهب الشافعي.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبيع حاضر لباد".

هذا حديث صحيح أخرجه البخاري (١) عن عبد الله بن صباح، عن أبي علي عبد المجيد الحنفي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد" قال: وبه قال ابن عباس.

وهذا الحديث من أفراد الربيع عن الشافعي عن مالك قال البيهقي (٢): وقد أخرجه عبد الله بن مسلمة، عن مالك بهذا الإسناد، قال: ولمالك بن أنس مسانيد لم يودعها الموطأ رواها عنه كبار أصحابه، فيشبه أن يكون هذا منها والله أعلم.

"الحاضر": ساكن المدن والقرى، "والبادي": ساكن البادية، والمنهي عنه هو أن يأتي البلدة ومعه قوت يبتعي التسارع إلى بيعه رخيصًا فيقول له: اتركه لأغالي في بيعه، فهذا الصنيع محرم لما فيه من الإضرار بالغير، والبيع إذا جرى بيع المغالاة منعقد؛ وهذا إذا كانت السلعة مما تعم الحاجة إليها، فإن كانت سلعة لا تعم الحاجة إِليها أو كثر القوت واستغني عنه ففي التحريم تردد [يكون] (٣) في أحدهما على عموم ظاهر النهي وحسم باب الضرر، وفي الثاني على معنى


(١) البخاري (٢١٥٩).
(٢) انظر المعرفة (٨/ ١٦٤).
(٣) في "الأصل": يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>