للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن قول الشافعي غير مدفوع ولا مدخول؛ فإن من عادة العرب أنهم كانوا يصرون ضروع الحلوبَات إذا أرسلوها تسرح، ويسمون ذلك الرباط صرارًا، فإذا راحت حلت الأصرّة وحلبت.

ومن هذا حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحل صرار ناقة بغير إذن صاحبها، فإنها خاتم أهلها عليها" (١) فحينئذ يكون التقدير فيما فسره الشافعي المصررة من صَرَّ يَصُرَّ كما قال، إلا أنه اجتمع في الكلمة ثلاث راءات قلبت إحداهما ياءً كما قالوا في تظننت: تظنيت، وهو من ظن يظن، فأبدلوا من إحدى النونات ياء استثقالاً؛ لاجتماع ثلاث نونات [ومثله] (٢) في تقضض الباذي تقضى البازي، لما اجتمعت الضادان واستثقلوها أبدلوا [إحداها] (٣) ياء، ومن هذا الباب قول الله تعالى {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٤) أي دسسها فأبدل إحدى السينات ياءً، أو معنى "دساها" ضد "زكاها" لأنه قال: "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسيها" (٥) هذا هو المراد به في الآية والله أعلم.

ومثل هذا في الكلام كثير، فعلى كل التقديرين في المصراة إن كانت من الصري الجمع فتكون الهاء فيها أصلية، ويكون قوله: لا تُصَروا مضمومة التاء مفتوحة الصاد، وإن كانت من الصَّرِّ الربط فتكون التاء مفتوحة والصاد مضمومة.

وقوله: "وإن ابتاعها بعد ذلك" فيه محذوف تقديره: وإن ابتاعها أحد أو مبتاع، فحذف لأن الكلام يقتضيه.


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٤٦٩).
(٢) ليست في "الأصل"، والمثبت من النهاية في غريب الحديث (٣/ ٢٧).
(٣) تكررت في "الأصل".
(٤) سورة الشمس: (١٠).
(٥) انظر تفسير القرطبي (٢٠/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>