للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيار على الفور، وكان له ذلك إلى تمام انقضائها اتباعًا للسنة، وقد نص الشافعي عليه في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى.

وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- فيما بلغه عن هشيم، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود قال: "من ابتاع مصراة فهو بالخيار إن شاء ردها وصاعًا من طعام".

قال الشافعي (١): وهكذا نقول وبهذا مضت السنة وهم يزعمون أنه إذا حلبها فليس له ردها لأنه قد أخذ منها شيئًا.

قال [لبن] (٢) التصرية مبيع [مع] (٢) الشاة وكان في ملك البائع، فإذا حلبه ثم أراد ردها بعيب التصرية؛ ردها وصاعًا من تمر، كثر اللبن أو قلَّ؛ لأن ذلك شيء وقته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم، والعلم يحيط أن ألبانها مختلفة، واللبن بعده حادث في ملك المشتري لم تقع عليه صفقة البيع كما حدث الخراج في ملكه، وقد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الخراج بالضمان.

قال البيهقي (٣): وقد زعم من ترك الحديث أن ذلك كان حين كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال، ثم نسخت العقوبات بالأموال فصار هذا منسوخًا، وهذا توهم منه، وسعر اللبن في القديم والحديث أرخص من سعر التمر، والتصرية وجدت من البائع لا من المشتري، فلو كان ذلك على وجه العقوبة لأشبه أن يجعله للمشتري بلا شيء، أو بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر؛ لأنه إنما يلزمه ردُّ ما كان موجودًا حال البيع دون ما حدث بعده، وهلّا جعله شبيهًا بقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حدِّه فقضى فيه بأمر ينتهي إليه،


(١) انظر "الأم" (٧/ ١٧٦).
(٢) ليست في "الأصل" والمثبت من معرفة السنن والآثار (٨/ ١١٨).
(٣) انظر "المعرفة" (٨/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>