قال الشافعي -رضي الله عنه-: هذا الحديث ثابت عندنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه نأخذ، وفيه دلالة على [أن](١) الحائط إذا بيع ولم يؤبر نخله فثمرته للمشتري، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حَدَّ فقال:"إذا أبر فثمره للبائع"، فقد أخبرنا أن حكمه إذا لم يؤبر غير حكمه إذا أُبِّر، ولا يكون ما فيه إلا للبائع أو للمشتري.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أنه إذا باع نخلة عليها ثمرة بيعًا مطلقًا لم يشترط فيه الثمرة، فإن كانت الثمرة قد ظهرت من قشرها فهي للبائع إلا أن يشترط المبتاع، وإن كانت لعلها مستترة في جوف الطلعة فهي للمشتري، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: للبائع بكل حال أَبَّر أو لم يؤبِّر؛ إلا أن يشترط المبتاع.
وقال ابن أبي ليلى: الثمر للمشتري أبر أو لم يؤبر، اشترط أو لم يشترط؛ لأن الثمر من النخل.
وقد شبه الشافعي -رضي الله عنه- ذلك بالولادة في الإماء يُبَعْن حاملات، وواضعات أحمالهن، وإذا باعها مالكها حاملًا تبعها ولدها, وإن ولدته قبل البيع كان الولد للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
وروي عن النخعي والحسن أنهما قالا فيمن باع وليدة قد زنيت: إن ما تحمله للمشتري إلا أن يشترط البائع.
وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه-، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، أن عطاء أخبره:"أن رجلاً باع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائطًا مثمرًا ولم يشترط المبتاع الثمرة، ولم يستثن البائع الثمرة، ولم يذكراه، فلما ثبت البيع اختلفا في الثمر واحتكما فيه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقضى بالثمر الذي لَقَّح النخل" والله أعلم.