للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختر. قبل أن يتفرقا، فإذا قال له: [اخترت] (١)؛ لم يبق لخيار المجلس حكم، وبقي الحكم لهذا التخيير، وإما أن يختار المخير الإمضاء أو الفسخ، فإن لم يختر أحدهما؛ بقي خَيار المجلس في حق المخير على ما كان عليه، وأما المخير ففيه وجهان: أظهرهما سقوط خياره فيكون معنى قوله: "إلا بيع الخيار" إلا البيع الذي قال فيه أحدهما للآخر: [اختر] (٢) فإنه يكون لأحدهما دون الآخر، ولا يكون لكل واحد منهما على صاحبه، هذا بيان أحد معنيي قول الشافعي -رضي الله عنه-.

وأما بيان المعنى الثاني وهو قوله: أن يتخايرا في عقد البيع فإنه يريد: إن شرطا فيه ترك الخيار فعقد التبايع على أن لا يكون بينهما خيار المجلس، وهذا القول هو الذي قال الشافعي فيه: ولا أقول بهذا: قيل: إنه حكاه عن مسلم بن خالد الزنجي فكأنه ليضعفه، وبعده قال: لا أقول به.

قال قوم: إنما أراد ببيع الخيار: البيع الذي شرط فيه خيار الثلاث، فكأنه قال: ما لم يتفرقا؛ إلا بيع شرط فيه خيار الثلاث، فلا يتعلق الخيار فيه بالتفرق، والذي ذكره الخطابي وأنكر من هذا الوجه لا وجه له؛ فإنه قال: هو استثناء من إثبات فينبغي أن يكون نفيًا.

وهذا وإن كان أصلاً صحيحًا فإنه قد غفل عن المعنى، وبيانه من وجهين أحدهما أنه يلزمه فيما ذهب إليه ما أنكره ها هنا؛ لأن معنى قوله الذي اختاره ونصره أن البيعين لهما خيار المجلس ما لم يتفرقا؛ إلا أن يكون أحدهما قد خَيرَ الآخر، ومعنى الوجه الذي أنكره أن البيعين لهما خيار المجلس إذا لم يتفرقا؛ إلا أن يكونا قد اشترطا خيار الثلاث، فهذا الاستثناء في صورته ذلك الاستثناء، ولا فرق بينهما إلا من جهة اختلاف معنى الاستثناءين.


(١) في "الأصل": اختر.
(٢) ليست في "الأصل" والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>