للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشافعي: أبو رافع فيما روي عنه متطوع بما صنع، وحديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة، وقولنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منصوص لا يحتمل التأويل، وقوله: "الجار أحق بصقبه" لا يحتمل إلا معتيين لا ثالث لهما: أن يكون أراد [أن] (١) الشفعة لكل جار، أو أراد بعض الجيران دون بعض، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أن لا شفعة فيما قسم" فدل على أن الشفعة للجار الذي لم يقاسم دون الجار المقاسم.

وقال الأزهري: لما كان الجار في كلام العرب محتملاً لم يجز أن يفسر قوله: "الجار أحق بصقبه" أنه الجار الملاصق إلا بدلالة تدل عليه، فوجب طلب الدلالة على ما أريد به، فقامت الدلالة في سُنَّةٍ أخرى مفسرة أن المراد بالجار: الشريك الذي لم يقاسم، وإذا أمكن الجمع بين الأحاديث المختلفة بوجه من وجوه الإمكان؛ كان أولى من تناقضها, ولا سيما إذا ترجح أحد الحديثين على الآخر بوجه من وجوه الصحة.

وهذا الحديث قد تُحدث في إسناده واضطراب الرواية فيه، فقال بعضهم: عمرو بن الشريد عن أبي رافع.

وقال بعضهم عن أبيه عن أبي رافع.

وأرسله بعضهم وقال فيه: قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن الشريد.

والأحاديث التي جاءت في أن لا شفعة إلا للشريك أسانيدها جيدة ليس في شيء منها اضطراب، فيحمل قوله: "الجار أحق بصقبه" على أنه أراد الشريك؛ لهذا المعنى.

قال الشافعي: وروى غيرنا [عن] (٢) عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجار أحق بشفعته يُنْتَظَرُ بِهَا


(١) ليست في "الأصل"، والمثبت من المعرفة (٨/ ٣١٣).
(٢) ليست في "الأصل"، والمثبت من المعرفة (٨/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>