للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن محمد، عن أبان بن عثمان، أن عثمان بن عفان قال: "لا شفعة في بئر".

قال الشافعي: لا شفعة في بئر إلا أن تكون فيها بياض يحتمل القسم [أو] (١) أن تكون واسعة محتملة للقسم.

وقد اختلف العلماء في علة الشفعة بعد اتفاقهم على أن أصلها موضوع لرفع الضرر، فمنهم من قال: إن العلة ضرر الخلطة، عداها إلى الجار، وهو مذهب أبي حنيفة وأهل العراق، ومنهم من قال: إنها لضرر الشركة وذلك فيما يلزم من مؤنة القسمة وتضييق المرافق، ولذلك لم تثبت للجار وقد حكي عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني أنه قال: الأخذ بالشفعة غير معلل؛ لأنه فسخ قوي يترتب على عقد اختياري أذن الشرع فيه، وهذا ما لا نظير له في الشريعة، وإنما شرعه الله تعالى بما علم من الحكمة لا بعلة نصبها عَلمًا.

وقد رَدَّ عليه هذا القول بعض من سمعه، فقال: هذا الذي أشار إليه إمام الحرمين لا يصح عند كافة العلماء؛ لأن الحكم إذا ورد في الشريعة وظهر تعليله، وعلمت فائدته، وجب البناء عليها والعمل بها، وقد ظهرت علة الضرر في الشفعة ظهورًا جليًّا، ووافقنا على التفريع عليها، فلو كان الأخذ بالشفعة تعبدًا ما فرع عليها، وقد كانت الأموال الربوية على مذهب الجويني في التوقف عن تعليلها والاقتصار على الأعيان الأربعة الوارد ذلك فيها أولى، ثم اقتحمنا فيها التعليل مع أن تعليل الشفعة أظهر فكان أولى والله أعلم.


(١) ليست في "الأصل" والمثبت من "المعرفة" (٨/ ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>