للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول عمر -رضي الله عنه- "أبناء أمير المؤمنين فأسلفكما" فيه محذوف تقديره: أنتما أبناء أمير المؤمنين فلذلك أسلفكما لكونكما ابني أمير المؤمنين، ولولا هذا التقدير لكان الكلام غير منتظم؛ لأنه يبقى الخبر غير مخبر عنه.

وقوله: "ما ينبغي لك هذا" الابتغاء مطاوع (١) بغيته، تقول بغيته فانبغى، وهذا ينبغي لك أن تفعله: أي يمكنك ويطيعك ويواتيك، وأصله من الطلب تقول: بغيت الشيء إذا طلبته، فقوله: "لا ينبغي لك" أي لا يصح لك ولا يطلب لك إذا طلبته، أي هو بحيث إذا أردت طلبه وابتغاءه يأت لك.

و"القراض" مصدر قارضته قراضًا ومقارضةً، وهو والمضاربة بمعنى واحدٍ، وذلك أن يدفع رجل إلى رجلٍ مالاً ليتجر له فيه، وما حصل فيه من الربح كان بينهما على حسب ما اشترطاه، وأهل الحجاز يسمونه قراضًا، وأهل العراق يسمونه مضاربة، فعلى هذا أصل القراض من القرض: القطع، كأن رب المال قطع من ماله قطعه سلمها إلى العامل، وقطع له قطعة من الربح.

وقيل: هو من المساواة، يقال: قارض فلان فلانًا إذا ساواه.

وأما "المضاربة" فأصلها من الضرب في المال، وهو تقليبه والتصرف فيه.

وقيل: هو من الضرب في الأرض، وهو السير فيها.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن القراض جائز، وهو عقد كان في الجاهلية، وأقره الإِسلام، وفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل المبعث؛ قارضته خديجة فقبل منها وخرج بمالها إلى الشام، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره في الإِسلام، ولا يجوز القراض إلا بالدراهم والدنانير، وبه قال مالك وأبو حنيفة.

وقال الأوزاعي وابن أبي ليلى: يجوز القراض بكل مال، والله أعلم.


(١) انظر لسان العرب (١٤/ ٧٦) (مادة: بغا).

<<  <  ج: ص:  >  >>