للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يعترض هذا قول من يزعم أنه إقرار بالعدول عن الظاهر، ومفارقة الحقيقة، فقد سلما للمخالف، ووقعت المنازعة في هذه الدلالة؛ لأنا نقول إن في الخبر ظاهرين متقابلين: أحدهما: حقيقة الأيم، وهو وقوعها على كل خالية من حرمة نكاح.

والثاني: ظاهر العطف، ووجوب تمييز المعطوف من المعطوف عليه.

فلما تقابل هذان الظاهران، ولم يكن من نقض أحدهما بُدٌّ؛ أَتبع التعارف واستسلم عادة الخطاب وعادة استعمال في اللغات مقدمة على حقيقتها، هي أولى بالظواهر من أصولنا، فاستعمل الشافعي -رحمه الله تعالى- ذلك وذهب إلى أن المراد بالأيم في هذا الحديث: الثيب؛ لأنه قابله بالبكر، فيكون قد أطلق اللفظ العام على أحد مدلوليه، واستعمله استعمالًا خاصًّا، ثم إنه أزال الاشتراك والاشتباه بقوله: "والبكر تستأذن".

وقد جاء هذا الحديث من طرق أخرى عن ابن عباس وغيره وقال فيه: "الثيب أحق بنفسها" بدل "الأيم" فدل على أن المراد بالأيم: الثيب، والله أعلم.

و"الولي" الذي يتولى أمر المرأة، كالأب، والجدِّ، والأخ، والعمِّ، ومن يجري مجراهم من العصبات، وهو [من] (١) الولاية؛ لأنه يلي أمر المرأة، هو من الوليِّ القرب؛ لأنه أقرب إليها من غيره.

و"البكر" خلاف الثيب، والذكر والأنثى فيه سواء.

و"أحق" أفعل من الحقِّ، بمعنى هي ألزم بنفسها وأولى بشأنها.

و"الصُّمات" بالضم السكوت، صَمَتَ يَصْمت صمتًا وصُمَاتًا وصموتًا.

وفي هذا الحديث نظر وله تأويل، وذلك أن قوله: "الأيم أحق بنفسها" يدل ظاهره وصريحه على أن لها أن تزوج نفسها؛ لأنه قال: "أحق بنفسها من وليها" ومن ذهب إلى أنها لا يصح زواجها نفسها قال: معنى قوله: "أحق بنفسها" في


(١) ليست في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>