للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله في الحديث: "كأني انظر إليه يتبعها في الطريق وهو يبكي" لأنه كان يحبها ولا يؤثر فراقها، وهي له كارهة، مختارة لفراقه.

أخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر: "أن زوج بريرة كان عبدًا".

هذا هو الحديث الذي أشرنا إليه، وهو وإن كان القاسم بن عبد الله ضعيفًا فقد روي عن ابن عمر من طرق أخرى أن زوجها كان عبدًا.

وأخبرنا الشافعي -رحمه الله- أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه كان يقول في الأمة تكون تحت العبد فتعتق: إن لها الخيار ما لم يمسها، فإن مسها فلا خيار لها".

يريد بالمس ها هنا الوطء؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (١) أي من قبل الوطء.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن خيار الأمة إذا أعتقت، فيه ثلاثة أقوال:

الأول: أنه على الفور، فإن أخرت الخيار عن حالة الإمكان؛ بطل، كخيار الرد بالعيب.

والثاني: أن لها الخيار إلى ثلاثة أيام.

والثالث: أنه على التراخي إلى أن يمسها باختيارها أو تصرح بما يبطله وهذا مذهب ابن عمر وحفصة، وهو ظاهر السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خَيَّر بريرة بعد أن مضى زمان الإمكان، والحاجة داعية إليه، ويعضد ذلك قول الشافعي عقيب حديث حفصة الذي ذكره آنفًا:


(١) سورة البقرة، آية (٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>