للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أين شئتم، لا محظور منها كما لا محظور من الحرث، واحتملت أن الحرث إنما يراد به النبات، وموضع الحرث الذي يطلب به الولد الفرج دون ما سواه، ولا سبيل لطلب الولد غيره، فاختلف أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن، فذهب ذاهبون إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه، وأحسب كلا الفريقين تأولوا ما وصفت من احتمال الآية على موافقة كل واحد منهم؛ فطلبنا الدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدنا حديثين أحدهما ثابت، وهو حديث سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "كانت اليهود تقول: من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء ولده أحول؛ فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (١) الآية.

ثم قال في موضع آخر: وبَيَّنٌ أن موضع الحرث موضع الولد، وأن الله أباح الإتيان فيه إلا وقت المحيض، قال: وإباحة الإتيان في موضع يشبه أن يكون تحريم غيره، فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القبل يحرم بدلالة الكتاب ثم السنة، وذكر حديث عمه محمد بن علي بن شافع.

"الخربة" كل ثقب مستدير مثل ثقب الأذن، وجمعها خُرَب، وأراد بالتثنية: الدبر والقبل، وقد جاء في كتاب "السنن": الخُرْتين تثنية الخرت وجمعه خُروت، وهو ثقب الإبرة والفأس ونحوه، وهو مثل الخُربة.

وأما "الخُرْزَتَان" فتثنية الخرزة، وهي كل ثقب الخرز.

وأما "الخُصْفتان": فتثنية الخُصفة، وهي المرة الواحدة من خصف النعل إذا خرزها.

وقوله: "نعم" في جواب سؤال نفسه من فصيح الكلام واختصاره؛ لأن التقدير: إن كنت تريد من دبرها فلا.


(١) سورة البقرة، آية (٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>