للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الشافعي الرواية الأولى في كتاب "الصداق" والثانية في كتاب "اختلافه مع مالك" والثالثة في كتاب "المناسك".

قوله: "تصدقها إياه" أي تجعله لها صداقًا، تقول: أصدقت المرأة. إذا سميت لها صداقًا، والصداق -بفتح الصاد وكسرها- مهر المرأة وكذلك الصَدُقة -بفتح الصاد وضم الدال- وقد ضموا الصاد وسكنوا الدال.

وقد جاء في الرواية الأولى: "ولو خاتمًا من حديد" بالنصب على أنه مفعول قوله: "التمس" وجاء في الرواية الثانية بالرفع، وهو بعيد، فإن صحت الرواية فيكون معطوفًا على "التمس" كأنه قال: فالتمس أي اطلب شيئًا ما، ثم استأنف فقال: "ولو خاتم من حديد"، أي ولو أن الملتَمَس خاتم من حديد، و"لو" ها هنا وما يجري هذا المجرى معناها التمني، لا التي يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، فالتمني كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (١) و {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢).

والأخرى كقوله تعالى: {لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٣) و"لو" في هذا الحديث وأشباهه تفيد معنى التمني الذي هو [في] (٤) الأصل يعني التقليل والمبالغة فيه أي ولو أن شيئًا كان والباقي قوله: "بما معك من القرآن" بالتعريض كقولك: بعتك هذا الثوب بدينار، والمراد: زوجتكها بتعليمك إياها ما معك من القرآن، وقد تأوَّله بعضهم فقال: إنما زوجه إياها بحفظه تلك السور من القرآن تفضيلاً له، ولو كان كذلك لكانت المرأة موهوبة له بلا مهر، وهذا خاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليست لغيره، ولولا أنه أراد معنى المهر لم يكن لسؤاله إياه: "هل معك من القرآن شيء" معنى؛ لأن التزويج ممن لا يحسن القرآن جائز جوازه


(١) سورة القلم، آية (٩).
(٢) سورة الشعراء، آية (١٠٢).
(٣) سورة الزمر، آية (٥٧).
(٤) ليست في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>