للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الذي بيده عقدة النكاح هو ولي الصغيرة كالأب والجد، وروي ذلك عن ابن عباس، وبه قال الحسن البصري والزهري وطاوس وربيعة ومالك وأحمد؛ لأن الزوج بعد الطلاق لا تبقى بيده عقدة النكاح، والعفو إنما هو بعد وقوع الطلاق.

وقال في الجديد: إنه الزوج، وهو قول عليّ وجبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وشريح ومجاهد والشعبي والثوري وأبي حنيفة وإسحاق؛ لأن الولي ليس بيده عقدة نكاح، وبعد العقد لا يبقى له حكم في النكاح، وإنما يسمى الزوج: "الذي بيده عقدة النكاح" استصحابًا للحال قبل الطلاق، ولأن الحكم مسوق لبيان حكم الزوجين في الصداق المفروض إذا وقع الطلاق قبل الدخول، فلا فرق بين أن يقول: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح.

وبين أن يقول: أو يعفو الزوج، ولا شبهة أنه بعد الطلاق ليس بزوج وإنما سُمي زوجًا استصحابًا للحال.

وأخرج الشافعي قال: أخبرنا عبد الوهاب، عن أيوب بن أبي تميمة، عن محمد بن سيرين: "أن الأشعث بن قيس صحب رجلاً، فرأى امرأته فأعجبته، فتوفي في الطريق، فخطبها الأشعت بن قيس، فأبت أن تتزوجه إلا على حكمها، فتزوجها على حكمها ثم طلقها قبل أن تحكم، فقال: احكمي. فقالت: أحكم فلانًا وفلانًا -رقيقًا كانوا لأبيه من تلاده- فقال: احكمي غير هؤلاء. فأبت، فأتى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، عجزت ثلاث مرات، فقال: ما هن؟ فقال: عشقت امرأة. قال: هذا ما لم تملك. قال: ثم تزوجتها على حكمها، ثم طلقتها قبل أن تحكم. فقال عمر: امرأة من المسلمين".

قال الشافعي: يعني عمر: لها مهر امرأة من نسائها ما لا أعلم فيه اختلافًا، وهو يشبه أن يكون الذي أراد عمر. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>