للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولها: "لا أنا ولا ثابت" تريد لا نجتمع ولا نصطحب، فنفت نفسها ونفسه نفيًا مستغرقًا، أي لا بقاء ولا ثبات ولا وجود لي وله معًا.

وقوله: "تشكوا شيئًا ببدنها" تريد أثرًا من ضرب.

و"الخلع" معروف، تقول: خلعت المرأة خُلعًا -بالضم- وخَالعتها فأنا خَالِع، والمرأة خالع، وقد تخالعا واختلعت فهي مختلعة، والاسم: الخُلعة، وإنما سمي بهذا الفعل؛ لأن الرجل والمرأة بعضهما لباس لبعض؛ قال الله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (١) فكأن كلا منهما عند التخالع قد خلع لبسه من صاحبه.

ومنه محظور ومباح، فالمحظور ضربها لتخالعه وتسقط حقها، وأما المباح فهو أن تكون المرأة كارهة للرجل بسبب ما من خُلق أو خَلق أو دين، فتخاف أن لا توفيه حقه لما في نفسها منه، فتبذل له فدية ليطلقها, ولو لم تكرهه فخالعته صح الخلع، وبه قال الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد.

وقال داود: لا يصح الخلع إلا عند التخاصم، وحكي ذلك عن عطاء والنخعي والزهري؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} (٢) دليل الجماعة قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٣) وإنما شرط الخوف في الجواز في قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} (٤) لأن العادة جارية أن الخلع لا يكون إلا مع الشقاق، وفيه تنبيه على جوازه في غير


(١) سورة البقرة، آية (١٨٧).
(٢) سورة البقرة، آية (٢٢٩).
(٣) سورة النساء، آية (٤).
(٤) سورة النساء، آية (١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>