للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس: "أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سُئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثًا، فكلهم قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".

قال أبو داود: ورواه مالك، عن يحيى بن سعيد ... وذكر إسناد مالك ونحو لفظه.

قوله: "أرسلت من يدك ما كان لك من فضل" يريد أن له ثلاث تطليقات، فإذا طلقها جميعها لم يبق له شيء يملكه، وإذا طلق واحدة أو ثنتين بقي له تمام الثلاث.

وقوله: "الواحدة تبينها" أي تفرق بينها وبين الزوج بوقوعها عليها؛ فإن غير المدخول بها تبينها الواحدة، والإبانة في الطلاق هو أن لا يبقى للزوج إلى المرأة رجعة إلا بنكاح جديد؛ وإن لم يكن الطلاق ثلاثًا.

وقد بانت المرأة منه، تبين: إذا انفصلت عنه، فإن الطلاق ينقسم إلى رجعي وبائن، فالرجعي يجوز له أن يعيدها إلى نكاحه بغير تجديد عقد، والبائن لا يصح إلا بعقد جديد.

وقوله: "والثلاث تحرمها" يريد أنه لا يمكنه إعادتها برجعة ولا تجديد عقد، وأن نكاحها عليه حرام حتى تنكح زوْجًا غيره، ثم يطلقها الثاني طلاقًا تبين به منه أو يموت عنها، ثم يجدد عليها الأول العقد، وهذا هو المذهب، وسواء فيه المدخول بها وغير المدخول بها عند الشافعي.

قال الشافعي: قال الله عز وجل: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (١) وقال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ


(١) سورة البقرة، الآية (٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>