للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي: وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بالمُدِّ واغتسل بالصاع (١).

قال الشافعي: وفي هذا ما دل على أن لا وقت فيه لإكماله؛ واللَّه أعلم.

مع أنه قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الجنب: "فإذا وجدت الماء فأمسه طهرك" (٢) بغير توقيت شيء منه.

وبيان المذهب هو: أنه لا حد للماء الذي يغتسل به الجنب ويتوضأ به المحدث، إلا بأن يُمِرَّ الماء على الأعضاء ثم يجريه عليها.

قال الشافعي: فقد يخرق بالكثير فلا يكفى، ويرفق بالقليل فيكفي.

قال: وأحب إليَّ أن لا ينقص مما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه توضأ بالمُدِّ واغتسل بالصاع.

وحكي عن محمد بن الحسن أنه قال: لا يمكن للمغتسل أن يعم جسده بأقل من صاع، ولا المتوضئ أن يسبغ أعضاء وضوئه بأقل من مد. وفي هذا نظر: فإنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ بثلثي مد (٣).

ويمكن أن يستخرج من هذا الحديث مسألة معاياة (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٠١)، ومسلم (٣٢٥).
من حديث أنس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد" لفظ مسلم.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ١٤٦ - ١٤٧)، وأبو داود (٣٣٢ - ٣٣٣) وغيرهم من حديث أبي ذر، وفيه قصة، وفي اخره: (إن الصعيد الطيب طهور -ما لم تجد الماء، ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمس بشرتك).
ولفظ أبي داود: (فأمسه جلدك) واللفظ المذكور غريب.
وهذا حديث مختلف في ثبوته وفي أسانيده اضطراب كثير وانظر "نصب الراية" (١/ ١٤٨)، "والتلخيص الحبير" (١/ ١٥٤).
(٣) أخرج أبو داود (٩٤)، والنسائي (١/ ٥٨)، وفي الكبرى (٧٦) عن أم عمارة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: توضأ فأتي بإناء فيه ماء قدر ثلثي مد).
وصححه الشيخ الألباني -رحمه اللَّه- في صحيح النسائي (٧٢).
(٤) أي: نادرة أو لا أصل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>