للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فدفعت إلى سعيد بن المسيب" أي رددت إليه ودللت عليه.

والمبتوتة: يريد به المطلقة الثلاث.

وقوله: "فأين حديث فاطمة! " يريد حديث انتقالها إلى بيت ابن أم مكتوم.

وقوله: "هاه" كلمة يقولها الحزين والمتأوه والمغتاظ والمتأسف، وها هنا أراد المغتاظ القوله: إنه تغيظ، وتغيظ واغتاظ بمعنىً.

وقوله: "فتنت الناس" أي جعلتهم مختلفين واوقعتهم في فتنة بقولها لإن منهم من أخذ به، ومنهم من لم يأخذ به.

والذرابة في اللسان: الحدة وسرعة الكلام والجواب والمراد: أنها كانت لا تمسك لسانها عن شيء تقوله فيتأذى به غيرها، ولذلك قال: فاستطالت على أحمائها أي أهل زوجها وأهل الزوج كلهم أحماء والأحماء جمع الحم، والاستطالة في القول مجاوزة الحد والسُّبة في الخطاب.

وقد ذكرنا أن المعتدة إذا تأذى بها زوجها قولاً أو فعلاً، جاز أن تنتقل عن مسكنها وتُحَوَّل إلى غيره.

قال الشافعي: فعائشة ومروان وابن المسيب يعرفون أن حديث فاطمة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم كما حدثت، ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر، ويريد ابن المسيب تبيين استطالتها على أحمائها، ويكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت في حديثها السبب خوفاً أن يسمع ذلك سامع، فيرى أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت.

قال: وسنته - صلى الله عليه وسلم - في فاطمة تدل على أن ما تأول ابن عباس في قول الله -عز وجل-: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (١) هو البذاء على أهل زوجها كما تأول إن شاء الله، ولم يقل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتدى حيث شئت ولكنه حصنها


(١) النساء: [١٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>