للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث عكرمة: فقد ترك الأخذ بحديثه جماعة من الأئمة منهم: مالك ابن أنس، ومسلم بن الحجاج لم يخرج عنه في الصحيح حديثًا، وقد وثقه جماعة منهم: البخاري وأخرج حديثه في صحيحه.

قال الشافعي في وجوب قتل المرتد إذا لم يتب من الكفر: يشبه أن يكون حكم المرتد حكم الذي لم يزل كافرًا محاربًا وأكثر منه، لأن الله -تعالى- أحبط بالشرك بعد الإيمان كل عمل صالح قدمه المشرك قبل شركه، وأن الله -جل ثناؤه- كفر من لم يزل مشركًا ما كان قبله، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبان أن من لم يزل مشركًا ثم أسلم كفر عنه الشرك.

وأما الإحراق بالنار: فلا يجيزه الشافعي فإنه قال: وأما نحن فروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يعذب أحد بعذاب الله -تعالى- فقلنا: ولا حرق أحد حيا ولا ميتا.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غير دينه فاضربوا عنقه".

هذا هو الحديث الذي أشار إليه الشافعي أنه منقطع، وصدق الشافعي ... زيد بن أسلم إنما يروي عن الصحابة وعن أبيه، وقد أخرج الموطأ (١) هذا الحديث هكذا وقال مالك في سياق الحديث: معناه -والله أعلم- أن من خرج من الإسلام إلى غيره مثل: الزنادقة وأشباههم فأولئك إذا ظهر عليهم يقتلون، ولا يستتابون، فإنهم لا تعرف توبتهم فإنهم كانوا يسرون الكفر ويعلنون الإسلام، فلا أرى أن يستتاب هؤلاء إذا ظهر على أمرهم بما يثبت به.

قال مالك: والأمر عندنا أن من خرج من الإسلام إلى الردة أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا قتلوا.


(١) الموطأ (٢/ ٥٦٥ رقم ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>