للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قتادة، عن الحسن، عن حطان، عن عبادة.

وأما الترمذي (١): فأخرجه عن قتيبة، عن هشيم بإسناد مسلم.

قوله: "خذوا عني" أي: خذوا الحكم في حد الزنا عني، وإنما عدى الأخذ بعن وإنما يتعدى بمن: لأنه لما كان الحكم صادرًا عنه أعطاه معناه، أو لأنه أعطى فعل الأخذ معنى الرواية أي: ارووا حكم الزنا عني.

والسبيل في الأصل: الطريق يذكَّر ويؤنَّث، وأراد به ها هنا: الخلاص، التقدير: قد جعل الله لهن طريقًا يتحصلن به، لأن هذا اللفظ هو آخر الآية وهي قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلًا} (٢) فعلق الموت بالحبس أو السبيل، فلما كان الحبس: سد الطريق الذاهب والجائي السبيل خلاصًا له من الحبس.

والضمير في قوله: "لهن" راجع إلى النساء وهن غير مذكورات في هذا الحديث وهذا فاش في العربية بذكر الضمير وإن لم يتقدم في الذكر مرجوع إليه.

وله في القرءان نظائر، وإنما يذكر إذا كان في الكلام ما يدل عليه أو يفهم منه، ألا ترى أن قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (٣) يريد الشمس ولم يتقدم لها ذكر، ولكن لما كان قوله: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (٤) علم من ذكر العشي وانشغاله عن الصلاة بالخيل إلى أن غابت الشمس، فجاز رد الضمير إلى غير مذكور.


(١) الترمذي (١٤٣٤) وقال: حسن صحيح.
(٢) [النساء: ١٥].
(٣) ص: [٣٢].
(٤) [ص: ٣١ - ٣٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>