رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة. والجواب الثاني: أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين، ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء بأكل ما مسته النار، واللَّه أعلم. شرح مسلم (٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩). (١) دعوى الإجماع غير مسلم بها وقد نقلنا الخلاف بين أهل العلم في التعليق السابق، وإن كنا نذهب إلى هذا القول وهو مذهب الجمهور لكن المسألة لم تصل إلى حد الإجماع. قال الشوكاني في نيل الأوطار (١/ ٢٤٦): أما دعوى الإجماع فهي من الدعاوي التي لا يهابها طالب الحق، ولا تحول بينه وبين مراد منه. (٢) أخرجه أبو داود (١٩٢)، والنسائي (١/ ١٠٨) وابن حبان (١١٣٤)، وابن خزيمة (٤٣) في صحيحهيما. كلهم من طريق علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر عنه به. قال الحافظ في التلخيص (١/ ١١٦): قال أبو داود: هذا اختصار من حديث: قربت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خبزًا ولحمًا فأكل، ثم دعا بوضوء فتوضأ قبل الظهر، ثم دعا بفضل طعامه فأكل، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه نحوه، وزاد: ويمكن أن يكون شعيب حدث به مِنْ حِفْظِهِ فوهم فيه. وقال ابن حبان نحوًا مما قاله أبو داود، وله علة أخرى، قال الشافعي في "سنن حرملة": لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر إنما سمعه من عبد اللَّه بن محمد بن عقيل. وقال البخاري في "الأوسط": ثنا علي بن المديني، قال: قلت لسفيان إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر، عن جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل لحمًا ولم يتوضأ" فقال: أحسبني سمعت ابن المنكدر قال: أخبرني من سمع جابرًا.