للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مالك بن أنس: أحسن ما سمعت في ذلك: أن اللغو حلف الإنسان في الشيء يستيقن أنه كذلك ثم يوجد بخلافه فلا كفارة فيه.

قال: والذي يحلف على الشيء وهو يعلم أنه فيه آثم كاذب، ليرضي به أحدًا، أو يعتذر لمخلوق، أو يقتطع به مالاً فهذا أعظم [من] (١) أن تكون فيه كفارة.

قال: وإنما الكفارة على من حلف ألا يفعل الشيء المباح له فعله ثم يفعله أو يفعله ثم لا يفعله، مثل: إن حلف لا يبيع ثوبه بعشرة دراهم ثم يبيعه بذلك، أو حلف ليضربن غلامه ثم لا يضربه.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: اللغو في لسان العرب: هو الكلام غير المعقود عليه فيه، وما وقع منه من غير قصد.

قال: فكانت عائشة أولى أن تتبع لأنها أعلم باللسان مع علمها بالفقه.

وقال أبو حنيفة: لغو اليمين: هو الحلف على الماضي من غير أن يقصد الكذب في يمينه. وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

وحكى أصحاب مالك عنه أنه قال: هي اليمين الغموس.

فعلى ما قلناه من مذهب الشافعي؛ أن اللغو في اليمين يقع على الماضي، والمستقبل، وما جرى على لسانه من غير قصد؛ إلا أن يكون بالطلاق أو العتاق؛ فيلزمه في الحكم ولا يقبل قوله أنه لم يقصد ذلك.

وقد أخرج الشافعي في كتاب حرملة (٢): عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع سمع ابن عمر يقول: أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر في بعض أسفاره وهو يقول: وأبي، وأبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ينهاكم أن


(١) من الموطأ (٢/ ٣٨٠).
(٢) المعرفة (١٤/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>