للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما تغليظ الزمان: فهو أن يؤخر الاستحقاق لها بعد صلاة العصر أخذًا بقوله -تعالى-: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ}، جاء في التفسير أنها صلاة العصر، ومعنى الحبس: الصبر والتأخير.

وفيه من الفقه: أن المتداعيين إذا لم يكن لكل واحد منهما بينة فإنهما يتحالفان.

وقوله: "اقرأ عليهما الآية" فيه تخويف وتحذير من اليمين الفاجرة، والحلف على الباطل، ولذلك لما خوفها بالآية اعترفت.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن [هاشم بن] (١) هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن نسطاس، عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف على منبري هذا بيمين آثمة؛ تبوأ مقعده من النار".

هذا الحديث أخرجه مالك وأبو داود.

فأما مالك (٢): فأخرجه بالإسناد قال: "من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار".

وأما أبو داود (٣): فأخرجه عن عثمان بن أبي شيبة، عن ابن نمير، عن هاشم ابن هاشم بالإسناد. وذكر الحديث وزاد فيه بعد قوله: "آثمة ولو على سواك أخضر، إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار". أثم الرجل يأثم إثمًا فهو آثم، وأثيم وأثوم: إذا أذنب، الإثم الذنب.

وقوله: "بيمين آثمة" هذا على طريق المجاز، وإنما الآثم الحالف ولكن لما كانت اليمين الكاذبة هي سبب إثم الحالف بها، جاز أن يوصف بها مجازًا، تقول: ليل نائم، ونهار صائم. ويدل على ذلك رواية مالك: "من حلف على


(١) من الأم (٧/ ٣٦) والمعرفة (١٤/ ٢٩٩).
(٢) الموطأ (٢/ ٥٥٨ - ٥٥٩ رقم ١٠).
(٣) أبو داود (٣٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>