للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جاءه فقال: "إني قد عجزت، قال: إذًا امحُ كتابتك، فقال: فقد عجزت فامحها أنت، قال نافع: فأشرت إليه امحها، وهو يطمع أنا يعتقه فمحاها العبد وله ابنان أو ابن، قال ابن عمر: اعتزل جاريتي، قال: فأعتق ابن عمر ابنه بعد.

قوله: "قد عجزت" يريد: عجز عن تحصيل مال الكتابة الذي كاتبه عليه.

والمحو: الطمس، يريد هو الكتاب الذي كتبه له بالمكاتبة، تقول: محوته أمحوه وأمحيه محيا.

والذي ذهب إليه الشافعي: أنه إذا كاتب عبده على نجوم لم يكن له أن يطالبه قبل حلول النجم، فإن طالبه فعجز عن أدائه كان السيد مخيرًا بين فسخ الكتابة؛ وبين الصبر عليه، وإن كان العبد قادرًا على الأداء فهو بالخيار إن شاء أدى وعتق، وإن شاء عجز نفسه وامتنع من الأداء.

وقوله: "اعتزل جاريتي" قد كان مزوجا بجارية لعبد الله وله منها ولد.

وقوله: "فأعتق ابن عمر ابنه بعد" يريد أن أولاده عبيده فاحتاجوا أن يستأنف لهم العتق.

وأخرج الشافعي: أخبرنا الثقة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه كاتب عبدًا له بخمسة وثلاثين ألفًا ووضع عنه خمسة آلاف -أحسبه قال-: من آخر نجومه.

قال الشافعي: وهذا -والله أعلم- عندي مثل قول الله -عز وجل-: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (١).

وقد روي في الموضع عن المكاتب عن ابن عمر وابن عباس، وروى أبو عبد الرحمن السلمي، عن علي في قوله -عز وجل-: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (٢) قال: ربع الكتابة.

هذا هو المحفوظ موقوف، وقد روي مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم.


(١) [البقرة: ٢٤١].
(٢) [النور: ٣٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>