للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله روايات كثيرة لهذا الحديث؛ بزيادة ألفاظ ونقص.

قولها: "إني لا أطهر" تريد أن الدم لا ينقطع عنها وأنه متصل فلا تزال حائضًا وطهارة الحائض إنما هي مع انقطاع الدم، فكَنّتْ بعدم الطهر عن اتصال الدم وجريانه، وهذا من أحسن آداب الخطاب، ثم لما كانت قد علمت أن الحائض تدع الصلاة؛ وأنها ليست واجبة عليها؛ ورأت أن ذلك الحكم مقرون بالدم؛ استفتَتْهُ قالت: "أفأدع الصلاة؟ " ظَنًّا منها أن هذا حكم مطرد مع رؤية الدم، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنما ذلك عرق" سائل قد انفجر، وليست بالحيضة المعتادة التي تعرفها النساء عامة.

"والحيضة" هاهنا مكسورة الحاء، تريد بها الحالة المألوفة.

فأما بالفتح: فإنها المرة الواحدة والأول أشبه.

وقوله: "إذا أقبلت الحيضة" يريد: الحيض المعتاد المألوف الذي هو من عادتها، فاتركي الصلاة ولا تصلي، فإن ذلك هو الحيض الذي تسقط معه الصلاة، فإذا ذهب قدرها من الأيام التي كنت تحيضين فيها قبل هذه الحالة فاغسلي الدم وصلى.

والشافعي ذكر هذا الحديث في الحيض؛ وذكره في كتاب "ذكر (١) اللَّه تعالى على غير وضوء", لأن الصلاة أكثرها [ذكر] (٢) اللَّه تعالى.

وقول رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة" إنما قاله عن علم منه أنها تميز بين دفع دمها؛ فتراه زمانًا أسود ثخينًا وذلك في إقبال حيضها؛ ثم تراه مشرقًا رقيقًا وذلك حين إدبار حيضها؛ ولا يقول ذلك إلا وهو يعرف إقبالها وإدبارها، بعلامة تفصل لها بين الأمرين، ولذلك قد جاء في حديث آخر قال لها: "إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف" وهذا القول يبين لها أن الدم


(١) زاد في الأصل قبل هذه الكلمة لفظ الجلالة (الله) وأظنه سبق قلم.
(٢) ما بين المعقوفتين بالأصل [ذكرها] وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>