للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تقدم في التغليس بالفجر.

"أسفر الصبح": يسفر إسفارًا؛ إذا أضاء وانتشر ضوؤه.

وكذلك: أصبح يصبح إصباحًا، إذا أضاء.

و"الصبح" اسم للفجر أول ما يطلع، ولذلك قال: "أصبحوا به" و "أسفروا به".

وقوله: "أعظم لأجوركم" أو قال: "للأجر" هذا الشك من أحد الرواة، وأولى الروايات وأشبهها بكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية الشافعي؛ لأنه خلص من كلفة السجع وتعمده؛ لأنه إذا قال: "بالفجر" و "الأجر" كان كالقاصد للسجع، وذلك غير مقصود في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - غالبًا، فقد جاء السجع في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواضع، فإن ما لم يجئ فيه أكثر، ولذلك قال في روايته "أسفروا بالصبح" وهو أحسن من أن تقول: أصبحوا بالصبح لاختلاف اللفظتين ولفائدة المعنيين، وكذلك "أسفروا بالفجر" أحسن من "أصبحوا بالصبح"، لولا ما في السجع من مقالة "الفجر بالأجر"؛ والكل جائز مستعمل؛ والذي ذهب إليه الشافعي في أول الوقت بالصلاة قد تقدم.

قال الشافعي: وقال بعض الناس: الإسفار بالفجر أحب إلينا، وذكر حديث رافع هذا؛ ثم إنه رجح حديث عائشة في الغلس؛ بأنه أشبه بكتاب اللَّه -عز وجل- لأن اللَّه تعالى يقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (١) فإذا دخل الوقت فأولى المصلين بالمحافظة المقدم للصلاة، وحديث عائشة أشهر رجالا بالثقة والحفظ، ومع حديث عائشة جماعة كلهم يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معنى عائشة؛ منهم زيد بن ثابت، وسهل بن سعد وغيرهما.

قال: والذي لا يجهله عالم أن تقديم الصلاة في أول الوقت أولى بالفضل؛ لما يعرض للآدمين من الأشغال، والنسيان، والعلل، ولحديث رافع وجه يوافق


(١) البقرة: [٢٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>