للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة، والثوري، ومحمد بن الحسن: لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر أسوة بغيرها من الصلاة.

وإنما خصها بذلك لأن وقتها يدخل والناس أكثرهم نيام، فاستحب تقديم الأذان لينتبه النائم ويُرَجِّعَ القائم، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن مسعود في الصبح لا يَمْنَعَنَّ أحدكم أذانُ بلالٍ من سحوره، فإنه يؤذن بليلٍ ليرجع قائمكم، ويوقظ نائمكم (١).

قال: وإذا أذن قبل الفجر، فيستحب أن يكون له مؤذن آخر، يؤذن بعد طلوع الفجر، فإن لم يكن إلا مؤذن واحد، أذن قبل الفجر وترك الإعادة.

قال الشافعي: وخالفنا في هذا بعض الناس فقال: لا يؤذن للصبح إلا بعد الفجر وهي كغيرها، وقال: فقد روينا أن بلالًا أذن قبل الفجر فأمر فنادى: إن العبد نام (٢)، قلنا: سمعنا تلك الرواية، فرأينا أهل الحديث من أهل ناحيتك لا يثبتونها، يزعمون أنها ضعيفة ولا يقوم بمثلها حجة على الانفراد، وروينا بالإسناد والصحيح قولنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. واحتج الشافعي على ذلك بفعل أهل


(١) أخرجه البخاري (٦٢١)، ومسلم (١٠٩٣).
(٢) أخرجه البيهقي في سننه الكبير (١/ ٣٨٣) وقال:
هذا حديث تفرد بوصله حماد بن سلمة، عن أيوب، وروي أيضًا عن سعيد بن زربي، عن أيوب، إلا أن سعيدًا ضعيف، ورواية حماد منفردة، وحديث عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أصح منها، ومعه رواية الزهري، عن سالم، عن أبيه.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٥٩):
هذا حديث انفرد به حماد بن سلمة دون أصحاب أيوب، وأنكروه عليه، وخطؤوه فيه، لأن سائر أصحاب أيوب يروونه عن أيوب قال: "أذن بلالًا مرة بليلٍ" فذكره مقطوعًا.
وقال الحافظ في الفتح (٢/ ١٢٢):
اتفق أئمة الحديث: علي بن المديني، وأحمد، بن حنبل، والبخاري، والذهلي، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، والأثرم، والدارقطني على أن حمادًا أخطأ في رفعه، وأن الصواب وقفه على عمر ابن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه وأن حمادًا انفرد لرفعه وانظر المعرفة (٢/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>