للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما كان يجعله عن يمينه أو يساره.

وليجعل بينه وبين سترته من المسافة، بمقدار ما يحتاج لِسجوده ولا يتأخر عنها تأخيرًا كثيرًا، ولا يتقدم إليها كثيرًا بحيث إذا أراد السجود تأخر عنها، لأن ذلك عمل في الصلاة خارج عن أعمالها.

وقد غلط بعض الناس فقالوا: إذا صلى إلى غير سترة، فلا يمر أحد بين يديه بمقدار رمية السهم.

وقيل: بمقدار رمية حجر.

وقيل: بمقدار رمية رمح.

وقيل: بمقدار المطاعنة.

وقيل: بمقدار المضاربة بالسيف.

وهذا كله: خطأ أوقعهم فيه قول (١) النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان" (٢).

فحملوه على أنواع القتال، ولم يفهموا أن القتال هو المدافعة بِيَدٍ كانت أو بآلة، وإنما حَرَمُ المصلي -سواء وضع بين يديه سترة أو لم يضع- بمقدار ما يستقبل قائما أو راكعًا وساجدًا، لا يستحق من الأرض كلها التي هي المسجد العام، ولا من المسجد الخاص سواها، وسائر ذلك لغيره، ولا يقاتل إلا من أدرك بيده إذا مدها، وما وراء ذلك لا يمد إليه يدًا، ولا يمشي إليه قدمًا.

وسيرد المذهب في مدافعة المعترض بين يدي المصلي، في جملة أحاديث ترك الأفعال الخارجة عن أفعال الصلاة.


(١) أخرجه البخاري (٥٠٩)، ومسلم (٥٠٥) من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه، وفيه قصة.
(٢) أي: سوء فَهْم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالخطأ في الفهم وليس في قوله - صلى الله عليه وسلم - فوجب هذا التقدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>