للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتانين الذين أنت منهم.

وأما قوله: "تريد أن تكون فتانًا" فإن هذا الفعل لا يصدر إلا عن الفتانين، فقال: كنت تريد ذلك فعرفني.

والفرق الظاهر بينهما: أن همزة الاستفهام دخلت في الأولى على الفتنة نفسها، وفي هذا دخلت على إرادة الفتنة فكانت ألطف. وأما بيان أن قوله: "أتريد أن تكون فتانًا" أثبت في باب الافتنان وأرسخ، أن الإنسان قد يفعل الفعل ولا يريده؛ لأسباب تدعوه إليه من إكراه أو سهو أو جهل به أو ظن جوازه وغير ذلك، من الأسباب التي تبعث على إيجاد الفعل والقول من غير إيثارٍ له، وكثير من هذه الحالات لا يؤاخذ العبد بها ولا يتوجه إليه النكير.

فأما مع كون الفعل والقول الصادرين عن الفاعل والقائل مرادين له؛ فلا عذر له فيه وهو مؤاخذ به.

وكذلك هاهنا فإن قوله: "أفتان أنت" يجوز أن يكون فتانًا وهو لا يريد الفتنة؛ أو يجهلها أو يسهو عنها أو يظن أنها جائزة، فأما مع إرادته لها فلا، ولأنا قد قلنا: أن همزة الاستفهام دخلت في الأول على الفتنة فكان الشك فيها، وفي الثانية دخلت على الإرادة فكانت الفتنة معها مسلمة ثابتة، وإنما الشك وقع في إرادتها فكان هذا القول أدل على وجود الفتنة وأثبت.

في هذا الحديث من الفقه: الصلاة الواحدة في جماعتين، وصلاة المفترض خلف من صلى فرضه وخلف المتنفل، وأن على الإمام تخفيف الصلاة، وأن المصلي في جماعة إذا أراد أن ينفرد عن الجماعة ويتم لنفسه جاز له ذلك.

وفيه: بيان ما يقرأ في الصلاة من السور وقدر ما يقرأ.

ولكل واحد من هذه الأحكام موضع يذكر فيه، والذي يخص هذا الموضع منها: هو تخفيف الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>