وإنما نزل القهقرى: لئلا يولي إلى القبلة ظهره فتبطل صلاته، فإن استقبال القبلة واجب في الصلاة.
وفي هذا الحديث من الفقه:
جواز الفعل القليل في الصلاة، وقد تقدم بيان ذلك فيما مضى.
والأشبه أن منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ثلاث درجات؛ ونزوله منه لا يبلغ في الكثرة ما يقطع الصلاة، وكذلك صعوده لم يكن متصلًا بنزوله، وإنما تخلل بينهما السجود -وهو إن كان عملا- فهو لمصلحة الصلاة فلم يكن له تأثير.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا ابن عيينة، أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همام قال:"صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع، فجاء فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفة، فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود: أليس قد نهي عن هذا؟ فقال له حذيفة: ألم ترني تابعتك".
هذا الحديث أخرجه أبو داود (١): عن أبي مسعود: أحمد بن الفرات الرازي وأحمد بن سنان، عن يعلى، عن الأعمش ... بالإسناد: أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى قد ذكرت حين مددتني.
" الدكان": واحدة الدكاكين وهي الحوانيت فارسي معرب قاله الجوهري.
وقال الأزهري: والدكان فعلان من الدك، وقيل فعال وإن كان فعلان فنون زائدة؛ وإن كان فعالًا فهي أصلية والجوهري أورده في دكن، وقد ترد هذه اللفظة في الحديث؛ ويراد بها موضع مبنى مرتفع على وجه الأرض؛ تتخذ للجلوس وتسميه الناس: الدكة.