للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قوله: "صدقة تصدق الله بها عليكم" من أوضح البيان في كونها للرخصة؛ لأن الصدقة هى ما جاءت عفوًا لا كلفة فيها ولا حجر على من أعطيها؛ كأنه في ضيق بعدهما فلما خص بها وجد سعة وراحة.

"والعجب من الشيء": هو استغرابه وخروجه عن أمثاله من الأمور المألوفة.

وحقيقة الأمر الذي يخفى سببه ولا يعرف كيف حدوثه هذا هو الأصل.

وأمر عجيب وعجاب تقول: عجبت من الأمر أعجب عَجَبًا -بالفتح- والاسم العُجب -بالضم- ولذلك يعجب من القصر لأنه خفي عنه سببه؛ إذا كان قد علم أن سبب القصر الخوف من العدو؛ فلما رآه مستمرًا مع عدم الخوف أنكره، لأن السبب الذي كان موجبًا له زال.

وقوله: "فأنى نقصر" أنى بمعنى أين، فأين ذكر القصر من غير خوف، أو بمعنى كيف يقصر في غير الخوف ولم يذكر الله القصر إلا في الخوف؟!.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن القصر في الصلاة رخصة وليس بعزيمة، وهو مخير إن شاء قصر وإن شاء أتم.

وروى الإتمام عن عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وأنس، وعائشة.

وإليه ذهب الأوزاعى، وأبو ثور، وأحمد بن حنبل وقال مرة: السنة ركعتان، ومرة: أنا أحب العافية من هذه المسألة وهو المشهور من مذهب مالك.

وقال أبو حنيفة: إذا صلى أربعًا فإن جلس للتشهد الأول أجزأت عنه الركعتان الأوليان؛ وكانت الركعتان الآخرتان نافلة وإن لم يجلس للتشهد الأول وجب عليه إعادة الصلاة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>