للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله: "إلا رب العالمين" زيادة بيان ليست في قوله "إلا الله" وذلك أنه لما قال: "آمنًا" ثم أتبعه بالمخافة أضافها إلى رب العالمين؛ لأن الخوف إنما يكون في الغالب من رب العالمين، كالآدمين والشياطن والسباع والهوام وما يتقيه الإنسان من مضرات الحيوانات؛ فلما أطلق الأمن دخل هؤلاء فيه فلما استثنى وقال: "إلا رب العالمين" يريد رب هذه الموجودات كلها، فإن العالمين جمع عالم وهو كل موجود سوى الله تعالى؛ جعل الذي يخافه ربها وأنه بمكانه من الخوف لهذا الوصف وهو الربوبية، فليس بضار مع أمنه من هذه الأشياء أن يخاف ربها، وهذا المعنى وإن كان مفهومًا من قوله: "إلا الله" لكنه في هذه الرواية أبين؛ فإنه في تلك يفهم ضمنًا وفي هذه يفهم صريحًا.

وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه- من رواية المزني (١) [عن] (٢) إسماعيل بن إبراهيم، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة قال: مر عمران بن الحصين في مجلسنا فقام إليه فتى من القوم فسأل عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغزو أو الحج والعمرة؟ فجاء فوقف علينا فقال: إن هذا سألني عن أمر فأردت أن تسمعوه، [أو] (٣) كما قال غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة؛ وحججت معه فلم يصل إلا ركعتين ثم يقول لأهل البلد: "صلوا أربعا فإنا سفر" واعتمرت معه ثلاث عمر لا يصلي إلا ركعتين، وحججت مع عمر بن الخطاب حجات فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة، وحج عثمان سبع سنين في إمارته لا يصلي إلا ركعتين وصلاها بعد بمنى أربعًا".

هذا الحديث أخرجه أبو داود (٤) نحوه أخصر منه.


(١) السنن المأثورة رقم (١٢).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل والسياق لا يستقيم إلا به.
(٣) ما بين المعقوفتين بالأصل [و] والمثبت من السنن المأثورة وهو الموافق للسياق.
(٤) أبو داود (١٢٢٩) =

<<  <  ج: ص:  >  >>