للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الظهر والعصر، فإن هذا اللفظ كما أنه يقتضي العموم في تكرار الجمع، يقتضي الخصوص وأنه جمع مرة واحدة.

وقوله: "فأخر الصلاة يومًا" يريد أنه أخر صلاة الظهر إلى أن دخل وقت العصر؛ فصلى الصلاتين معًا في وقت العصر.

وقوله: "ثم دخل ثم خرج" يريد أنه دخل إلى مضربه وموضع نزوله، وهذا اللفظ كأنه يوهم أنه صلى صلاتي الظهر والعصر في آخر وقت العصر بقوله: "ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء" وإن كانت ثم تفيد المهلة.

وفيه: بيان جواز تأخير إحدى الصلاتين إلى وقت الأخرى، وتقديم إحداهما إلى وقت الأخرى على سبيل التخيير، وهو الذي ذهب إليه القائلون بالجمع.

وقوله: "أراد أن لا يحرج أمته" أي لا يضيق عليهم ويشق عليهم، فإنهم كانوا يحتاجون إذا كانوا مسافرين أن ينزلوا لكل صلاة، فوضع عليهم بالجمع رفقًا بهم ورعاية لهم.

و"زيغ الشمس": ميلها عن وسط السماء وهو وقت الزوال.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جائز في السفر الذي يجوز فيه القصر.

وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبي موسى الأشعري، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، ومعاذ بن جبل، وأسامة بن زيد، وأنس بن مالك.

وبه قال طاوس، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وسالم بن عبد الله، ومالك، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور. وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك لا يجوز إلا بمزدلفة -وسيأتي بيانه- وبه قال الحسن، وابن سيرين، والنخعي، ومكحول، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، والمزني.

والجمع -عند القائلين به- أفضل من الإفراد اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>