سعى بعدهم قوم لكي يدركونهم ... فلم يدركوهم ولم يلاموا ولم يألوا
ولهذا المعنى أخرج هذا الحديث يريد به: أن قراءته إياها "فامضوا إلى ذكر الله" فيعدل عن المراد بالسعي القصد والمشي لا الإسراع.
وبهذه القراءة قرأ ابن عباس وابن مسعود.
ويروى عن عمر "أنه سمع رجلاً يقرأ {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فقال: من أقرأك هذا؟ قال: أبي بن كعب: فقال: لا يزال يقرأ بالمنسوخ لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي".
"والسعي" في اللغة: يطلق على العدو والسرعة في المشي، وعلى الكسب والعمل، وكل من ولى شيئًا على قوم فهو ساع عليهم، وأكثر ما يطلق الساعي على ولاة الصدقة.
وذكر الله في هذه الآية: الخطبة والصلاة.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، عن جده جابر بن عتيك -صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هينتك.
وقد جاء في بعض الروايات: فامش على هيئتك.
"الهينة": التأني التؤدة، الهيئة: الحالة.
قال الشافعي: وإذا مشى الجمعة فلا يزيد على سجيته ومشيته، ولأن ذلك أكثر لخطاه التي يتضاعف بها أجره وأعون له على التوجه إليها.
قال الربيع: قلت للشافعي: نحن نكره الإسراع إلى لمسجد إذا أقيمت الصلاة. قال: فإن كنتم إنما كرهتموه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة"(١) فقد أصبتم وهكذا ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.