للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقريب منه قول الله -عز وجل:- {وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} (١) أي: على لسان رسلك.

ويجوز: أن يكون قد جعل أعمالكم كأنها هي التي تجاوز بهم وأن الفعل لها والحكم إليها، لأن الجزاء يومئذ بحسبها يكون، فجعل ما هو سبب الجزاء مجازها على طريقة المجاز والاتساع، كما يقول للظالم: ظُلْمه أهلكه، وللعادل: عَدْله أنجاه، ويعضد التأويل الأول قوله في سياق الحديث: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره".

أي أن أعمالكم تعرض عليكم فترون خيرها وشرها؛ وإن قل إلى حد الذرة التي هي أصغر النمل.

ولا حرف تنبيه، وتكراره زيادة في التنبيه، وإن كل كلمة من هذه الكلمات حقيقة بأن يتنبه الخاطب لها فيلقى إليها سمعًا واعيًا، وقلبًا مراعيًا؛ بخلاف ما لو ذكر حرف التنبيه ولم يكرر والله أعلم.

وقد أخرج الشافعي عن الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول: خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة يحمد الله -عةز وجل- ويثني عليه ثم يقول على إثر ذلك -وقد علا صوته، واشتد غضبه، واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش- يقول: "صبَّحكم أو مساكم" ثم يقول "بعثت أنا والساعة كهاتين" وأشار بأصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، ثم يقول: "إن أفضل الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضيةاعًا فإليَّ وعليَّ".

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم (٢)، والنسائي (٣).

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد العزيز بن رفيع،


(١) آل عمران: [١٩٤].
(٢) مسلم (٨٦٧).
(٣) النسائي (٣/ ١٨٨ - ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>