للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قوله: "ولكن تفسحوا وتوسعوا" يجوز أن يكون من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن قول الداخل للمصلين (١).

"وعمدت" للشيء وإلى الشيء -بالفتح- أعمِد -بالكسر- عمدًا: قصدت إليه، وتعمدت الشيء نقيض أخطأت.

والذي ذهب إليه الشافعي: أنه لا يجوز للداخل أن يقيم أحدًا من مجلسه الذي سبق إليه، إلا أن يكون جالسًا في مصلى الإِمام، أو طريق الناس، أو يكون مستقبل المصلين والموضع عليهم ضيق، فإن كان واسعًا انحرفوا عنه يمينًا وشمالًا.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج قال: قال سليمان بن موسى؛ عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل: افسحوا".

هذا حديث مرسل أرسله سليمان بن موسى، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (٢): عن سلمة بن شبيب، عن الحسن بن أعين، عن معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير، عن جابر الحديث وفيه "ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه".

هذه اللام في قوله: "ليقل" لام الأمر وهي تدخل على الغائب، وقد أدخلت على المخاطب شاذًّا وعليه قرئ قوله تعالى في القراءة الشاذة {فبذلك فليفرحوا} (٣).

وأما اللام التي في "ليخالف إلى مقعده" فلام التعليل، وهي تستدعى معللًا محذوفًا بعطف "ثم" عليه تقديره لولا وجود ثم لا يقيمن أحدكم أخاه ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه، فلما أدخل ثم احتاجت إلى تقدير محذوف نحو


(١) قال الحافظ في الفتح (١١/ ٦٥): قوله: (ولكن تفسحوا وتوسعوا) هو عطف تفسيري، ووقع في رواية قبيصة، عن سفيان عند ابن مردويه: "ولكن ليقل: افسحوا وتوسعوا" .... اهـ.
(٢) مسلم (٢١٧٨).
(٣) يونس: (٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>