للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدًا أن يتحول عنه، لأن ذلك يصرف عنه النوم.

والضمير في قوله: "منه" راجع إلى المجلس وهو غير مذكور، وذلك جائز لدلالة الحال عليه، ولفهم المخاطب له.

ومنه قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (١) يريد الشمس لما غربت ولم يتقدم لها ذكر وذلك في العربية كثير، ويحقق ذلك التصريح به في رواية الترمذي وقد أخرج الشافعي قال: أخبرني من لا أتهم، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يحتبي والإِمام يخطب يوم الجمعة.

وقد روي ذلك عن غير واحد من الصحابة والتابعين (٢)، والذي روي من حديث معاذ بن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحبوة يوم الجمعة" إن ثبت (٣) فلما فيه اختلاف النوم، وتعريض الطهارة للانتقاض، فإذا لم يخش ذلك فلا بأس بالاحتباء.

"والاحتباء": هو أن -يجمع بين ظهره وركبتيه بحبل أو منديل ونحو ذلك ليكون كالمستند إلى شيء.

وقد يكون الاحتباء باليدين، والحبوة (بضم الحاء وكسرها).


(١) ص: [٣٢].
(٢) قال أبو داود في سننه عقب حديث (رقم ١١١١): كان ابن عمر يحتبي والإِمام يخطب، وأنس ابن مالك، وشريح، وصعصعة بن صوحان، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وإسماعيل بن محمد بن سعد، ونعيم بن سلامة، قال: (لا بأس بها، ولم يبلغني أن أحدًا كرهها إلا عبادة بن نسي.
(٣) أخرجه الترمذي (٥١٤) وقال: حسن، وابن خزيمة في صحيحه (١٨١٥)، والحاكم (١/ ٢٨٩) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- في تعليقه على ابن خزيمة (٣/ ١٥٨) إسناده فيه ضعف، لكن الحديث حسن كما قال الترمذي. وحسنه أيضًا في صحيح الجامع (٦٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>