وعنده مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس فقال: دعه فإنه قد صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي أخرى: قال: أصاب إنه فقيه.
قوله:"ليس أحد منا أعلم من معاوية" قول معناه على التواضع وهضم المرء من نفسه وتركه بعض حقه، وإلا فلا شبهة أن عبد الله بن عباس كان يصادم الصدر الأول من أكابر الصحابة وفقهائهم، وقد كان عمر رضي الله عنه يأخذ برأيه في الحوادث المشكلة عليه ويحضره مع أكابر الصحابة والسابقين، حتى إن عبد الرحمن بن عوف قال يومًا لعمر: أتداخله معنا ولنا أبناء مثله؟! فقال: إنه من علمتم. وفضله لا ينكر، ولا سيما ومعاوية يومئذٍ الحاكم على المسلمين الواجب التوقير والتعظيم، وهذا دأب العلماء وأهل الفضل والمعرفة، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تفضلوني على يونس بن متى" وقال: "من قال: إنه خير من يونس بن متى فقد كذب"(١) ولا شبهه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير منه، وأولوا العزم من الرسل خير منه بالإجماع، ولكن هذا يذكر في معرض التواضع وترك الإنسان بعض ما يستحقه، ولا شبهة أن ابن عباس أفضل من معاوية نسبًا وإسلامًا وهجرةً وعلمًا, ولا يحل لأحد أن يحمل قول ابن عباس "أصاب معاوية" على التقية منه، فابن عباس كان أبعد الناس من أن يخاف معاوية في سكوته عن فعل أخطأ فيه، وكان أعلم وأورع من أن يقول لأصحابه في دين الله ما يعتقد خلافه.
وقوله:"الوتر ما شاء" أي ما شاء المصلي أن يصليها.
(١) أخرج البخاري في صحيحه (٣٤١٤، ٣٤١٥) عن أبي هريرة مرفوعاً: " ... لا تفضلوا بين أولياء الله، فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي، ولا أقول إن أحدًا أفضل من يونس بن متى" وفيه قصة وأخرجه مسلم (٢٣٧٣).