للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنحو لفظ البخاري، وفي آخره قلت: كلا والذي نفسي بيده لا يأتون بخير مما أعلم -ثلاث مرار- ثم انصرف.

وقد أخرج النسائي (١) طرفًا من أول رواية البخاري، ولم يتعرض لذكر مروان والخطبة.

وكذلك قد أخرج أبو داود (٢) طرفًا؛ يتضمن ذكر تقديم الخطبة وليس من هذا الحديث.

وهذا الحديث أيضًا مسوق لما سبق إليه حديث أبي عبد الله بن يزيد الخطمي، وقد تقدم ذكره وأن مروان هو أول من قدم الخطبة على الصلاة، وبينا وجه الجمع بين الحديثين.

"والجبذ": لغة الجذب، وقيل: مقلوب منه.

وقوله: "ترك الذي يعلم" أي ترك العمل بما يعلمه من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده.

"والهتف": الصوت تقول: هتف به يهتف هتفًا وهتافًا، أي: صاح به.

وقوله: "لا يأتون إلا شرًّا منه" يريد شراً مما أعلم، ويجوز أن يكون أراد: لا يأتون إلا شرًّا من هذا الفعل الذي قد فعلته وهو تقديم الخطبة على الصلاة؛ لأن من أقدم على تغيير سنة جارية معمول بها متصلة أقدم على ما هو مثلها وأعظم منها لأن منتهك الحرمة يجرئه انتهاكه على مباشرة أمثالها وما هو أكثر منها.

ولقائل أن يقول: إن قوله: "لا يأتون إلا شرًّا منه". للتفضيل ويدل ذلك على أن فيما كان يعلمه أبو سعيد شرًّا حتى قال: شرا منه.

والجواب عن ذلك: أن هذا باب واسع في العربية كثير الاستعمال وهو في القرآن العزيز كثير، فإن أفعل وان كان موضوعًا للتفضيل والتفضيل لا يكون


(١) النسائي (٣/ ١٨٧).
(٢) أبو داود (١١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>